الاثنين، 22 أغسطس 2011

آلام جان دارك -1928The Passion of Joan of Arc




قدم كارل ثيودور درير في آلام جان دارك عملا ابداعياً متميّزاً واشتغال سينمائي قل نظيره,,عمل لا يزال يعد من أهم الأعمال السينمائية حتى اليوم.
كارل درير الذي توفي معتقداً بأن فيلمه هذا انمحى الى الأبد من الذاكرة الانسانية بعد أن احترقت نسخته الأصلية ومن بعدها احترقت النسخة الثانية التي منتجها المخرج من اللقطات التي لم تستخدم في النسحة الأصلية,لاحقاً في العام 1981 وجدت نسخة يعتقد بأنها مشابهة جداً للنسخة الأصلية في خزانة بواب في مصح عقلي في أوسلو/النروج .
هذه الحكاية الحزينة والغريبة أضفت مزيداًَ من السحر على الفيلم.
***
جان دارك الفتاة التي قاومت الانجليز ,عذراء أورليانز-كما لقبت لاحقاً- التي وقفت الى جانب شارل السابع بوجه الغزو الانجليزي لفرنسا في حرب المائة عام وحاربته وحققت عدداً من الانتصارات.
بطلة فرنسا والرمز لإظهار تسلط الكنيسة وتحجرها قبض عليها من قبل البرغانديون عملاء الانكليز وتم بيعها للانكليز حيث تمت محاكمتها كنسياً واحراقها بتهمة التجديف وظلت جان دارك حتى اليوم احدى أكثر الشخصيات جدليةً في التاريخ وذلك رغم أن الكنيسة ألغت التهم الموجهة اليها وعادت ونصبتها قديسة في وقت لاحق.
***
يتحدث الفيلم عن المرحلة التي تلت اعتقال جان دارك,مرحلة محاكمة جان دارك,,بعيداً عن الطوباوية والقدسية التي تصبغ بها الحكاية بحيادية كبيرة,باظهار جان دارك الانسانة وليس القديسة,الانسانة التي تصارع نفسها وتصارع رغبتها بالبقاء على قيد الحياة في ظل رضى الكنيسة من جهة وتضحيتها بحياتها في سبيل الحرية والرب مع سخط الكنيسة عليها واتهامها بالتجديف,,ترددها وخوفها ومن ثم عودتها لاختيار الله.
وثورة الناس بعد حرقها ونقمتهم.
الفيلم كان عبارة عن لقطات كلوز متتالية لتعابير الوجه والتي لعبت دور رئيسي في الفيلم,الممثلة المسرحية الايطالية أدت بشكل عبقري دوراً يعتبر من أهم الأدوار السينمائية في التاريخ - لم تؤدي غيره- وكذلك أجاد باقي الممثلين.
الفيلم صنع في الوقت الذي بدأ يدخل به الصوت الى السينما لكن عدم دراية فريق درير بتقنيات الصوت دفعته الى أن يجعل الفيلم صامتاً مع اظهار الحوار بشكل مكتوب.
كونه ليس مؤكداً استعمال مقطوعة بعينها من قبل المخرج للفيلم فقد استعملت موسيقى ريتشارد انهورن أصوات الضوء كونها تضفي بعداً وروحاً جديدة للفيلم,,هنا يطرح سؤال مهم جداً:هل من حق أحد التغيير في العمل الابداعي لفنان بغض النظر ان كان تغييراً ايجابياً أم لا ؟ واين تذهب حقوق الفنان في هذه الحالة أم أن العمل الابداعي يعتبر ملك شعبي يحق لأي كان التغيير فيه !؟
نقطة أخرى تظهر عمل كارل درير الجبار في هذا الفيلم بالقياس الى عصره وهما لقطتي تعذيب جان دارك (ادخال جان دارك لغرفة التعذيب في محاولة لاجبارها على الاعتراف) ولقطة الختام (احراق جان دارك) حيث نرى تطور تطور الأحداث وتأزمها حتى وصولها للذروة بوسائل متعددة ان كان عبر تصوير كمية كبيرة من اللقطات و تكرارها أو بتصويرها من زوايا متعددة بينما نرى في المسلسلات العربية والتي تعرض الآن في رمضان فشل ذريع في اظهار تطور الأحداث وتأزمها مثال صغير لقطة تفجير أحمد قصير لنفسه في مقر الحاكم العسكري في صور,,حدث من اهم الأحداث في تاريخ لبنان المعاصر فشل باسل الخطيب والذي يعد من أهم المخرجين على الساحة في اظهار ليس فقط أهمية الحدث بل أنه فشل في أن يخلق التشويق المرافق للحدث,,هنا سؤال أخر عن مدة صحة وجدية الكلام عن التطور الذي طرأ على العمل الابداعي في العالم العربي والذي على ما يبدو لا يزال في مراحله الأولى فالقضية أهم وأكبر من أداء مميز من بعض الممثلين أو فيلم جيد من هنا وأخر جيد من هناك.
في الختام لا بد من العودة والتأكيد على أهمية فيلم درير مرّة أخرى ,فيلم حافل بلقطات الوجوه والصمت الذي  خلّد الفيلم والى الأبد بين روائع السينما العالمية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق