هو هو,لم يتغير يوما كما يظنون,حكايته كانت ككل القصص والحكايات عن النهوض والسقوط,عن العز والمجد والبأس والفشل,عن الخير والشر.لكنه هو وهو كان مختلفا".
يستفيق مع كل صباح ,يلبس ثيابه التي لاكها الكلب -كما كانت تقول والدته- ويذهب إلى عمله.
يدخل إلى الصف وهو ينظر إلى تلك الوجوه البائسة والعيون الغافية والأيدي المشغولة أبدا",يضع محفظته على طاولة المعلم ويلقي بجسده على الكرسي غارقا فيه,تمر لحظات سريعة على التلامذة,بطيئة عليه قبل أن يقوم ويبدأ بشرح درسه.في الحقيقة هو قد برمج على ذلك:
يدخل عبر بوابة المدرسة ,يلقي السلام على جميع من يصادفه دون أن ينتظر ردا,يدخل إلى السكرتريا يوقع على سجل الحضور ويصعد منهكا" إلى غرفة المعلمين,ومع دخوله الغرفة يأخذ كوب شاي اسود من العجوز التي تستعد للدخول الى الغرفة,يضع حقيبته على الأرض حاضنا" اياها بين رجليه ويسند رأسه بكلتا يديه مستمعا" لأحاديث المعلمين البالية,يرن الجرس فيستفزه,يترك كوب الشاي الذي ما زال ممتلئا",جارا قدميه إلى الصف,صف آلهة النعاس الأبدي.
يستفيق مع صبيحة كل يوم على وقع نور شمس خفيف يتراقص عبر النافذة ,يفتح خزانته الخشبية المليئة بالملابس ويختار أحد قمصانه الملونة,يلبس حذاءه الجلدي الدائم اللمعان,يدخل إلى مقر عمله ويبقى لوقت طويل جدا مكتشفا كل يوم ألف شيءوشيء.هو لم يتعود يوما على شيء:يقفل باب بيته ويصعد في سيارته السوداء ويصل إلى مبنى زجاجي,يقبل أحد الحراس ويفتح له باب السيارة ملقيا" التحية فيرد بإبتسامة عريضة وكلمات عطوفة,يدخل مسرعا" إلى غرفة بيضاء,لحظات قبل أن يخرج منها ليدخل إلى غرفة أخرى أكثر بياضا كالحليب,بيضاء بيضاء,يغرق فيها لساعات طويلة بين المعدات والآلات,يدخل يوميا إلى هناك,كانت فردوسه حيث يتعرف على الملائكة والحوريات .في المساء ينتقل إلى فردوسه الثاني إلى مكتبته متنقلا" بين الشعر والفلسفة,متلقفا من نيتشه ومن المتنبي,من أرسطو ومن ديكارت,كان يبني إنسانه الأعلى أينما حل باحثا" عن إكسير الحياة عساه يصير مسيحا جديدا" مبشّرا بالخلود.
في وجهه ثقة القديسين بألهتهم ,وفي ضحكاتهم فرح الفلاحين بنهر لم يغرق المحصول وفي يديه علم ألف رسول,يجلس خلف مكتبه الذي نادرا ما كان يراه ناظرا إلى الظرف الأبيض الموضوع بعناية عليه,يضع يديه على الظرف يفتحه بريبة ,يسحب الورقة من داخله :"شكرا على كل شيء,لكن يجب أن ترحل."
واقفا في الصف,بثقة اقل وفرح أقل وبمعرفة لم يهزها شيء ,يتكلم عن سر الوجود متأملا" وجوها" تبدو يقظة" للمرة الأولى,يرى احدهم ينظر عبر الشباك مستغرقا في مطر الشتاءويبتسم ابتسامة خفيفة ويصرخ به: "صرخ عليهم بالشتي يا ديب بلكي بيرجعوا!"
تفاجئ الجميع,سخر البعض وضحك البعض الاخر طويلا".
حاول الفتى أن يلعب دور المتحاذق وأجاب قائلا":"سعيد عقل يا أستاذ!؟",يجيبه المعلم:"لأ طلال حيدر,شعرو حلو طلال حيدر".
ويسود الصمت دهرا,أحس بفداحة فعله ,لم يعرف أحدهم طلال حيدر,ارتمى على مقعده ,واسترجع ذكرياته شريطا أمام عينيه,استرجع فردوسه وخزانته الخشبية وسياراته السوداء واسترجع نيتشه و الخادمة العجوز وكوب الشاي الملأن وصولا" إلى ديبه وبيأس الأنبياء هزّ رأسه من دون أمل,نظر إلى الفتى من جديد وصرخ مجددا: "صرخ عليهم بالشتي يا ديب بلكي بيرجعوا...."
يستفيق مع كل صباح ,يلبس ثيابه التي لاكها الكلب -كما كانت تقول والدته- ويذهب إلى عمله.
يدخل إلى الصف وهو ينظر إلى تلك الوجوه البائسة والعيون الغافية والأيدي المشغولة أبدا",يضع محفظته على طاولة المعلم ويلقي بجسده على الكرسي غارقا فيه,تمر لحظات سريعة على التلامذة,بطيئة عليه قبل أن يقوم ويبدأ بشرح درسه.في الحقيقة هو قد برمج على ذلك:
يدخل عبر بوابة المدرسة ,يلقي السلام على جميع من يصادفه دون أن ينتظر ردا,يدخل إلى السكرتريا يوقع على سجل الحضور ويصعد منهكا" إلى غرفة المعلمين,ومع دخوله الغرفة يأخذ كوب شاي اسود من العجوز التي تستعد للدخول الى الغرفة,يضع حقيبته على الأرض حاضنا" اياها بين رجليه ويسند رأسه بكلتا يديه مستمعا" لأحاديث المعلمين البالية,يرن الجرس فيستفزه,يترك كوب الشاي الذي ما زال ممتلئا",جارا قدميه إلى الصف,صف آلهة النعاس الأبدي.
يستفيق مع صبيحة كل يوم على وقع نور شمس خفيف يتراقص عبر النافذة ,يفتح خزانته الخشبية المليئة بالملابس ويختار أحد قمصانه الملونة,يلبس حذاءه الجلدي الدائم اللمعان,يدخل إلى مقر عمله ويبقى لوقت طويل جدا مكتشفا كل يوم ألف شيءوشيء.هو لم يتعود يوما على شيء:يقفل باب بيته ويصعد في سيارته السوداء ويصل إلى مبنى زجاجي,يقبل أحد الحراس ويفتح له باب السيارة ملقيا" التحية فيرد بإبتسامة عريضة وكلمات عطوفة,يدخل مسرعا" إلى غرفة بيضاء,لحظات قبل أن يخرج منها ليدخل إلى غرفة أخرى أكثر بياضا كالحليب,بيضاء بيضاء,يغرق فيها لساعات طويلة بين المعدات والآلات,يدخل يوميا إلى هناك,كانت فردوسه حيث يتعرف على الملائكة والحوريات .في المساء ينتقل إلى فردوسه الثاني إلى مكتبته متنقلا" بين الشعر والفلسفة,متلقفا من نيتشه ومن المتنبي,من أرسطو ومن ديكارت,كان يبني إنسانه الأعلى أينما حل باحثا" عن إكسير الحياة عساه يصير مسيحا جديدا" مبشّرا بالخلود.
في وجهه ثقة القديسين بألهتهم ,وفي ضحكاتهم فرح الفلاحين بنهر لم يغرق المحصول وفي يديه علم ألف رسول,يجلس خلف مكتبه الذي نادرا ما كان يراه ناظرا إلى الظرف الأبيض الموضوع بعناية عليه,يضع يديه على الظرف يفتحه بريبة ,يسحب الورقة من داخله :"شكرا على كل شيء,لكن يجب أن ترحل."
واقفا في الصف,بثقة اقل وفرح أقل وبمعرفة لم يهزها شيء ,يتكلم عن سر الوجود متأملا" وجوها" تبدو يقظة" للمرة الأولى,يرى احدهم ينظر عبر الشباك مستغرقا في مطر الشتاءويبتسم ابتسامة خفيفة ويصرخ به: "صرخ عليهم بالشتي يا ديب بلكي بيرجعوا!"
تفاجئ الجميع,سخر البعض وضحك البعض الاخر طويلا".
حاول الفتى أن يلعب دور المتحاذق وأجاب قائلا":"سعيد عقل يا أستاذ!؟",يجيبه المعلم:"لأ طلال حيدر,شعرو حلو طلال حيدر".
ويسود الصمت دهرا,أحس بفداحة فعله ,لم يعرف أحدهم طلال حيدر,ارتمى على مقعده ,واسترجع ذكرياته شريطا أمام عينيه,استرجع فردوسه وخزانته الخشبية وسياراته السوداء واسترجع نيتشه و الخادمة العجوز وكوب الشاي الملأن وصولا" إلى ديبه وبيأس الأنبياء هزّ رأسه من دون أمل,نظر إلى الفتى من جديد وصرخ مجددا: "صرخ عليهم بالشتي يا ديب بلكي بيرجعوا...."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق