الاثنين، 18 أبريل 2011

من وحي ثلاثية المرج الباكي (ق ق ج 3)

1|


أتم القس ّ مراسم الزفاف وقال:"أمين",نظرت في عينيه وكان يكبرها باربعين عاماً ثم  قالت:" نسيت شيئاً",رفعت ثوب الزفاف قليلاً ومشت ببطئ بين صفين من المدعوين.عندما وصلت باب الكنيسة ركضت بكل سرعتها.

لم يعرف احد أينما ذهبت لكن الجميع ظلّ يقول انها هربت من طريق مجرى النهر...


2|

كان يعشق الموسيقى ويعزف الأوكورديون,في أيام الحرب وتحت القصف كان يبدأ بالعزف فيمسي كنبي ضرير,أعطى عينيه للعالم كي يرى الحقيقة...


3|

قال لها بأنه سيتركها ليذهب لأمريكا.
لبست ثوب الزفاف وذهبت للمقهى قبالة الشاطئ حيث تتجمع النوارس 
اقترب منها رجل بقبعة سوداء ورقص معها على أنغام موسيقى المذياع ,وبعدها تلقفها الرجال واحداً تلو الأخر يراقصونها حتى الصباح..

4|

كان الموسيقيين يقفون في الشوارع يعزفون الموسيقى ,يأتي الناس من كل الأماكن,ليختاروا من يعزف لهم في الحانات,يضعون كأساً خلف أذانهم كأنهم يقولون:"نحن نسمعك.."  
أحدهم يختار عازف الكمنجة,أخرٌ يختار عازف الغيتار وواحد يختار عازف الناي...

5|

وجد السيد ابنه وقد تزوج حبيبته فمات.
في القرية ,دفن السيد,قتلت أغنامه وعلقت على الأشجار وحرقت أرضه والأشجار
فالابن العاق لا يستحق هذه الاشياء..

6|

في المساء هطل المطر شديداً على القرية فغرقت البيوت وأضحت اليابسة مستنقعاً ,
ركب كل مركبه ومضى,
من عدا الرجل الوحيد وزوجته,بقوا حيث هم..حيث لم تصل الماء...
  
صلوا طويلاً باسم مريم والمسيح حتى أتاهم قاربٌ ولحقوا بالأخرين,كسرب طيور مهاجر,هجرة اللاعودة


7|

 كانت تكرهها ,فهي دمرت عائلتها,اقتربت من مجندة فاشية ورمت ايليني الصغيرة بتهمة الشيوعية,في المساء انقضت على المنزل دورية ,رمت الأم في زنزانة حديدية,,والاطفال بقوا كالملائكة نائمين بفراشهم نومة أبدية..
  
8|

ضاعت في الغابات لمدة طويلة وعندما عادت كانت الحرب قد حرقت المكان إلا فستان عرسها بقي معلقاً على حائط المنزل,حارسا" للمكان على تخوم صاحب الزمان.. 

9|
أنزلوهم من قطار البخار ,,"ابناءكم ماتوا هنا" قالوا

هرعت الأمهات,يلممن أشلاء أبناءهن عن  أرض العذاب...

10| 

كان شقيقين في عائلة أرستقراطية لا ينتمون إليها,عندما كبرا انضما للحرب,أحدهم في صفوف الجيش والأخر مع الثورة,,
وفي ساحة القتال تقابلا,تبادلا التحايا ثم عاد كل منهما إلى نقطة الحراسة...

11| 

كانت قد فقدت زوجها في الحرب ومن ثم أبناءها ,وهي لم تنتمي يوماً لعائلة.
على جثة ابنها الأخير جلست تنتحب ,رفعت رأسها وصرخت طويلاً عسى الله يستجيب يوماً لدعواتها التي لم تعرف يوماً ما هي... 
 
12|  

 وقفوا بين الشراشف البيضاء كآلهة..لن تصمتونا سنبقى نحكي بلغتنا ,لغة حبنا الأبدية.

صوت رصاص يعلو في المكان والشراشف البيضاء أضحت حمراء

أنين أوكورديون خفيف يعلو رافضاً الموت و نابضاً بالحياة...


موسيقى الفيلم الأسطورية

 http://www.youtube.com/watch?v=PRYwNBQ7XSs

الأحد، 17 أبريل 2011

هاجس سريالي لذيذ

 عذرًا محمود درويش وريتا
***** 
الجميلة تستيقظ من نومها,تربط شعرها بشكلة زرقاء ,تخرج لباحة المنزل تطبع قبلة خفيفة ًعلى جبيني وتكمل طريقها إلى المطبخ لتعد قهوتنا الصباحية,تشغّل المذياع لنستمع لفيروز وهي تتلوع على ذكريات الماضي الجميل وحبه المجنون.


تأتي بفنجانين ,تصب القهوة بهدوء كدفئ المرّة الأولى وتقدمها إليّ ناظرة في عينيّ.


"عيناك يا صغرتي نقطة انتظاري بين مجدي وانكساري,سلم وحرب,ضحكة ودمعة"


تشرب فنجانها بسرعة ككوب ماء بارد وتسألني عن موسم الزيتون وعن استجابة الله لدعواتنا,اصمت قليلا" "لست بعرّاف ولاأعرف الرجل الغريب فأنا لم أدعوه يوما" "


****
مع إنتصاف النهار أجلس أنا وهي أمام عتبة المنزل ,نلف ورقات التبغ الخضراء,ساخرين من كل المارة وشاتمين الشمس الحارقة.تقترب مني بهدوء وتهمس في أذني تسألني عن الله وعن نبي يائس أتعبه قومه. لكني لا أعرف الرجل الغريب ولا أحب الأنبياء.


"عيناك همسة وصرخة ونقمة رسول على قومه وجزعه عليهم من غضب الرب"


****
 تتمدد على فراشها بثوبها الأزرق كحديقة متألقة في ربيع لطيف,تمشط شعري بيدها وتمسح بقايا دمعة أسفل عيني اليسرى وتسألني عن حبنا.


"قتيل العينين الناعستين أنا,
قتيل عينيّ ضحكات الله وبكاءه"


****
هاجس سريالي قصير,أتخيل الله أمامي رساما" بشاربين كثيفين,يرسم العينين ويغرق بهما.


"عيناك يا معبودتي,أسكرتا الله,صلبتا المسيح,سرقتا عليّا",ابتدأتا الوجود وأرقصت أرواحنا فرحا" بالخطيئة,علمتنا الحب ومسخت الطاهرين منا ملائكة وانبياء."


 يدٌ تهزني بلطف فأعرف أن وقتي هذا مجرد حلم سريالي لذيذ وأن أمي أتت لتوقظني لأذهب إلى المدرسة,أفتح عينيّ فأرى إلهتي الصغير بثوبها الأزرق تقدم لي فنجاة قهوتي الصباحي..






*****
إليها كما عرفتها,ن.ك وليس ن.ع ,,إليها كيفما كانت وأينما كانت , إليها في البدايات أكثر,

,,إليها بكل ألوان الطيف. ..

الجمعة، 15 أبريل 2011

مذكرات يوم عفن

ليس من عاداتي أن أنشر مذكراتي لكن اليوم لا أعرف...15/4/2011


كان صباحا عفنا" كغالبيتي صباحتي,أفقت باكرا" جدا" عند الــ 5:30 صباحا" ,رائحة النوم منتشرةٌ في الغرفة,رطوبةٌ خفيفة.فتحت الباب وخرجت حاولت افلاقه لكني انتبهت لغياب المقبض الغائب اصلا منذ عام وأكثر,لذلك حاولت اغلاقه بيدي فجرحت اصبعي فشتمت الباب وأمه.


أخذت دشا" سريعا",لبست قميصي الأخضر المموج وجينزا" ازرقا" غامقا" واسبدرين أبيضا,كنت متوترا",تعبا" وناقما".


ذهبت إلى المدرسة حيث كانت معلمة اللغة الفرنسية بانتظارنا استعدادا" للذهاب إلى الجامعة اليسوعية للقيام بامتحان اللغة حتى نقبل بها.كان التوتر واضحا" على المعلمة,تلوم الجميع نحن ونفسها والله والمدرسة أكثر من الجميع ثم التفتت لصديقي وأخبرته بأنو أحسن شي عملو بيّك أنو فلّ من هون.


وصلنا إلى الجامعة وأنتظرنا أكثر من نصف ساعة حتى ندخل إلى قاعة الامتحان,وقت مرّ طويلا" ,المسلمون وعقدة النقص الموجودة ليهم مع المسيحيين كانت الحدث,بعض القادمين معنا بدؤا بشتم كل من يتحدث بالفرنسية أو يقول بونجور واصفينه بأنه مخنث,لم أفهم السبب ولا اريد.


كدت أغفو في قاعة الامتحان وعندما خرجنا انتظرنا نصف ساعة اخرى حتى أتى الباص,كنت منزعجا" جدا بعد **** مساء الامس ومحاطا" بمجموعة من الدببة وأمراض نفسية واطفال أعوام طويلة من الكبت الجنسي,مجبرا" على سماع كل السخافات والنكت والتأوهات الشاذة.


قررت أن أخرج لوحدي فلم يكن هناك أحد من أصدقائي الجميع في رحلة المدرسة في فاريا,وحيدا" فريدا" كطفل كسير ينشج بصمت بعد ان نسيه الجميع مرميا" قرب بوابة الحضانة,لم أجد أمي في البيت وبعد عودتها أبلغتها بقراري فلم تعلق ولم تستغرب خروجي وحدي واكتفت بأن طلبت مني إيصال السمك والتبولة إلى بيت جدي.


بعد إيصال الطعام صعدت في الأجرة مع سائق تبدو عليه الملامح الإسلامية,الشعر المصفف بعناية واللحية والخواتم المتعددة الالوان رمز النفاق الإيماني والسبيل للحصول على وكالةمن الله لتسيير شؤونه في بقعة جغرافية ما,كان هناك3 فتيات في اليارة نزلوا الواحدة تلو الأخرى بينما كان السائق مشغولا" بالانتقال من إذاعة إخبارية الى أخرى,ومن نشرة الى نشرة بأخبار كثيرة لا أذكر منها الآن سوى اختيار جينيفر لوبيز أجمل مرأة في العالم واعلان الليدي غاغا أنها لم تقم بأي عملية تجميل طوال حياتها .


وصلت إلى الحمرا نزلت قرب بيغ سايل المحل المغفل الذي لا أفهم سبب وجوده في مكان كالحمرا,,ذهبت مباشرة إلى H&M ,كان شكلي غريبا" في الشارع محاط بالبدلات الرسمية والتنانير النسائية القصيرة الملحوقة بسكربينات بأكعاب عالية تصدر صوتا" مزعجا" يشكل غريب,دخلت إلى المحل,جربت قميصين في البداية لم يعجباني كثيرا"  لكني كنت قد قررت أن أشتري أي شيء ,لم يكن معي الكثير من المال ومع ذلك فإني جربت كل ما وقعت عينيّ عليه من ثياب .


اشتريت القميصين اللذين جربتهما في البداية وأنا خارج سمعت صوت إله صغير يكلّمني ويقتلني بطهره وبراءته ويخربط أفكاري أكثروأكثر,حاولت النهوض وأكملت طريقي إلى الـ DD وطلبتBoston kreme  مع قنينة عصير مانغا أكلتها في الداخل ونظرت بقرف الى المدير المستفز وكنت لا أزال أفكر بالإله الصغير.


تركت الحمرا وصعدت في نزلة السارولا ,صوّرت بعض الكلمات على الحيطان وانتظرت طويلا حتى أتى الباص العمومي,قررت أن أصنع يومي,يوم يأسي وتعبي,وأن أمنح نفسي ساعة" كاملة" مع البؤساء,انزويت في مقعد بالقرب من الشباك,شغلت الموسيقى وغرقت في تعبي ,كانت عيناي تلمعان طوال الطريق ودموع تنهمر ببطئ على وجنتين المتوردتين  وهواء بارد يلفح وجهي , رأيت أسماءء" كثيرة,حسن خالد,رفيق الحريري,ابنه سعد,نبيه بري ,الخامنئي,وئام وهاب وكثير من بقايا صور علقت لبعض البغضاء المرشحين لانتخابات ولّت على الجدران,شتمت الجميع ورفعت صوت سيلين ديون أكثر  مستمعا" لأغنيتها d'amour ou d'amitie .


أجلت نظري في الباص للمرة الاولى منذ صعودي عدد كبير من الرجال جالسين بينما تقف أغلب الأنسات,لم أقم وأجلس أحداط ظللت جالسا" في مقعدي,أردت أن أتعلم من البؤساء,شتمت في قلبي الجالسين في الفور بي فور ونظرت بقرف للجالسين في سيارات النقل العمومي أولئك الذين يملكون مالا" أكثر,رأيت أناسا منهكين,أتعبتهم الحياة,كنت مثلهم لا اختلف عنهم بشيء,لم أجتهد لأشبههم فكنت أحمل فوق ظهري يأس خمسين يوم من الأمل كنبيّ أتعبه شعبه.


عدت إلى الشباك,مللت من الناس والسيارات وتأملت طويلا" الأبنية وسحرني  مبنى  كل نوافذه مغطاة ببرادي صفراء برتقالية ومن ثم رأيت منزل هرم أصفر اللون متهالك خلف شجرة حزينة,واصل الباص مسيره,رأيت مقبرة مليئة بأشجار بجذوع طويلة -الصنوبر على ما أعتقد - ,لكن أشجار صغيرة في الجانب الأمامي من المقبرة حجبت عني الرؤية فعدت إلى أغنياتي.


اقتربت أكثر من المنزل بينما صعد رجل  بلحية وخواتم كثيرة وكرش يدل على  نهم كبير نحو الطعام ورغبة كبيرة في التهام الطعام وربما اموال الفقراء,كان يبدو قذرا" واغتنم فرصة خلو أحد المقاعد ليجلس قبل فتاة خلاسية في الوقت الذي كان فيه شاب يمسك  بحديدة  كي يحافظ على توازنه وينظر بهدوء الى المحيطين .


رأيت بائعين سوريين جواليين يبيعان الشحاطات فضحكة ضحكة كئيبة ,كما كل الجالسين في الباص,ضحكة انتصار وفرح بأنا وجدنا من هو أدنى منّا,نزلت من الباص قبل أن يصل للمنزل لأنه غير طريقه ,الآن أجلس في المنزل وأكتب هذه الكلمات مقاوما" النعاس ,هذه أول مرة أكتب مذكراتي منذ اليوم الاول الذي التقيت فيها الاله الصغير.


يبدو أني سأستسلم للنعاس  الآن على أمل ميت بغد أفضل ورغبة دفينة بأن يموت الله,,


سأغني قليلا" لنفسي قبل أن أغفو " يحط الحمام يطير الحمام,يحط الحمام يطير الحمام ,أعدّي لي الأرض كي أستريح فإني أحبّك حتى التعب...فنم يا حبيبي ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ ,ونم يا حبيبي لأهبط فيك ,ونم يا حبيبي عليك ضفائر شعري، عليك السلام,عليك السلام..."





السبت، 9 أبريل 2011

غسان كنفاني في ذكرى ميلاده....








في ذكرى ميلاده الخامسة والسبعين  كلمات خطتّها انامله,,غسّان كنفاني الذي علّمني الكثير ولا يزال,غسان الذي لم تغب فلسطين عنه لحظة..


***

"شابان من الهاغناه يحملان شيئا ويضعانه في شاحنة صغيرة,

-"كان ذلك طفلا" عربيا ميتا وثد رايته مكسوا" بالدم!"
-"كيف عرفت انه عربي؟"
-"ألم ترى كيف رموه  في الشاحنة أنه حطبة لو كان يهوديا" لما فعلو ذلك" 

أنحن الذين قتلنا ذلك الطفل قرب كنيسة بيت لحم في الهادار ؟الطفل الذي كانت جثته كما قلت لنا,أول شيء صدمك في هذا العالم الذي يسحق العدل بحقارة كل يوم...أنحن قتلناه!؟

***** 


كنت أتسأل فقط,أفتش عن فلسطين الحقيقية,فلسطين التي هي أكثر من ذاكرة ,أكثر من ولد,أكثر من خرابيش قلم رصاص على جدار السلم,وكنت أقول لنفسي :ما هي فلسطين بالنسبة لخالد؟إنه لا يعرف الصورة ولا السلم ولا المزهرية ومع ذلك فهو مستعد أن يحمل السلاح ويموت في سبيلها,وبالنسبة لنا أنا وانت مجرد تفتيش عن غبار تحت الذاكرة وانظري ماذا وجدنا غبارا" أكثر...


*****
 

إن أكبر جريمه يمكن لأي أنسان أن يرتكبها ...كائنا من كان ..هي أن يعتقد ولو للحظه أن ضعف اآخريين و اخطاءهم هي التي تشكل حقه في الوجود على حسابهم ...وهي التي تبرر له أخطاءه و جرائمه.

***** 



لا تصدق أن الإنسان ينمو. لا. إنه يولد فجأة: كلمة ما، في لحظة، تشق صدره على نبض جديد، مشهد واحد يطوح به من سقف الطفولة إلى وعر الطريق


*****
 

الغزلان تحب أن تموت عند أهلها، الصقور لا يهمها أين تموت.

*****

خلقت أكتاف الرجال لحمل البنادق، فإما عظماء فوق الأرض أوعظاما في جوفها.

*****

هذه المراة تلد الأولاد فيصيروا فدائيين..هي تخلف و فلسطين تأخذ

*****

لن أرتد حتى أزرع في الأرض جنتي أو أقتلع من السماء جنة أو أموت أو نموت معا 

*****

-لماذا تمشي مرخيا" كأنك سروال فارغ؟
-انني أمشي دائما" كذلك لقد خلقني الله هكذا.
-لا..ان الذين ارسلهم الله الى هذا المعسكر خلقهم منذ البدء فدائيين,هل تفهم ذلك؟...والآن كف عن تحميله أخطاءك !!
- تحميل من يا سيدي؟
-الله.

***** 

 ان الصورة الملونة التي كانت توزع علينا والتي كانت تمثّل الرب يشفق على الاطفال ويبتسم في وجوههم ,بدت هذه الصور كأنما هي الاخرى أكذوبة من اكاذيب الذين يفتحون مدارس محافظة كي يقبضوا أقساطا" أكثر..لم أعد أشك أن الله الذي عرفناه في فلسطين قد خرج منها هو الاخر ,وأنه لاجئ حيث لا أدري,غير قادر على حل مشاكل نفسه.

*****

 توجهن إلى فلاح كان يجلس القرفصاء واضعا" سلّة برتقال امامه مباشرة... وحملن البرتقال ..ووصلنا صوت بكائهن..وبدا لي ساعتذاك أن البرتقال شيء حبيب..وان هذه الحبات الكبيرة النظيفة شيء عزيز علينا..كان النساء قد اشترين برتقالات حمنها معهن إلى السيارة ونزل أبوك من جانب السائق ,ومدّ كفه فحمل برتقالة منها..أخ ينظر اليها بصمت..ثم انفجر يبكي كطفل بائس...

*****

هذه المرة استطعت أن أرى بكل وضوح كل ما حدث, ورايت بعيني كيف رفسسها الجندي بقدمه وكيف سقطت العجوز على ظهرها ووجهها ينزف دما", ثم رأيته بوضوح كبير يضع  فوهة بندقيته في صدرها ويطلق رصاصة واحدة..

***** 

لك شيء في هذا العالم..فقم...

*****

و أورثني يقيني بوحدتي المطلقة مزيدا من رغبتي في الدفاع عن حياتي دفاعا وحشيا

*****

إنها الثورة! هكذا يقولون جميعا..و أنت لا تستطيع أن تعرف معنى ذلك إلا إذا كنت تعلق على كتفك بندقية تستطيع أن تطلق..فإلى متى تنتظر؟!


*****

لنزرعهم شهدائنا في رحم هذا التراب المثخن بالنزيف..فدائما يوجد في الأرض متسعا لشهيد آخر






*****
" إن كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق و تافه لغياب السلاح..و إنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه.."

غسان كنفاني  (ولد في عكا 9 نيسان 1936 - استشهد بيروت 8 تموز 1972 )


إليه أينما كان علّ صوتنا يصله يوما" (ق ق ج 2)




إليك صلواتنا اليومية ودعواتنا,نحن الذين لم نرك يوما" ولم يصلنا نورك,يحزننا غضبك,ويؤلمنا تعبك,ويضحكنا فرحك,فتب علينا وأمنحنا فرحا" قليلا نضيء به أيام أعيادنا ومطرا" قليلا"في الصيف يخفف عنا وهج الشمس ,ونورا" قليلا"  في أيام الشتاء يقي عظامنا برد الثلج,,قليلا فقط من كل شيء,قليلا" فقط....


****


1|




كان قد ملّ من أن يكون الـ"أحدهم",


في الليلة الاولى دخل البار لكن منظر العاهرات أثار غثيانه


في الليلة الثانية دخل المسجد حاول الصلاة لنه لم يشعر بوجود الله فخرج



وقف أمام المرأة خلع ملابسه قطعة قطعة,نزل إلى الطريق وكانت تمطر.وقف بين السيارات والمارة وبدأ يرقص وما زال يرقص إلى اليوم..


 **


2|




23 عاما" ولم يحب فتاة" يوما,
قرر الخلاص فأختار حب الله وأضحى شيخا صوفيا"..


**


3|


كان يقضي قيلولة ما بعد المنسف اليومية,حين هبط عليه ملاك من السماء وأوقظه بسبابته,جفل الرجل ولم يكد يستوعب الامرحتى..."أنت أيها الأحمق باللحية الطويلة والعمةّ العفنة من قال لك أن هذه العمّة تعطيك الحق بركوب الناس؟الله سيصادرها منك حتى ولو حاولت شراء غيرها فانه سيعيد مصادرتها!!"


ومن يومها لا يزال الرجل يبحث عن عمّة لا تضيع وشرف للبيع ليشتريه..




**


4|


بعد أن رفع نظّارتيه إلى جبينه,حاول أن ينزلهما  بعضلات وجهه ,,
حاول كثيرا" لكنه لم ينجح


شتم الله فعادت النظارتين إلى انفه
ولكن عيناه أعميتا..


لم يعمه لأنه شتمه بل لتفاهة السبب ..


**


5|
مجنون في إحدى القرى يلف حول عنقه عقدا" من فتات الخبز ويدور في الشوارع حاملا" عصا" خشبية
يصيح بالناس ويعلّم الفتية بان الله لم يقتل قوم نوح ولوط وعاد بل قتلتهم سوءة خطاياهم.


كان يوميا" يردد ذلك ,كانت صلاته اليومية..


**


6|


ينظر في عينيها.فيبكي


ينظر إلى السماء فيبكي


ينظر إلى الغابة فيبكي


يسير في الشوارع فيرى نجارا يصنع بابا" ,يبصر بالقرب منه تابوتا" فيرتاح.


**


7|


أنهكه التعب والنسيان فخرج من كوخ وحدته..


مضى إلى مستنقع قريب محاط بالاشجار ورمى بجسده على صخرة لزجة من صخورها ويسأل لماذا تركه الله وحيدا".


يستفيق على صوت غريب,يفتح عينيه فيرى صديقه الذي مسخه الله ملاكا" ,,
لم يتبادلا التحايا,حركة خفيفة من يده على صفحة الماء  فيرى الشاب صورا" لا تنتهي عن أراض خضراء وعالم  أبدي من الألعاب ويرى الله يساعد طفلا صغيرا على الوقوف بعد أن ضمد جرحا" صغيرا أصاب ركبته."هو لم ينسك, لقد أشغله أطفال فلسطين قليلا يحاول ان يعوض عليهم قليلا من السعادة التي لم يكتب لهم أن يعيشوها هنا..عندما ينتهي سيعود إليك...لا تخف ."









السبت، 2 أبريل 2011

قصة منسية حمقاء عن شاب نسيه النسيان


كان يوما" فقط,مجرد يوم أخر في حياته..


استفاق باكرا",دخل الحمام ونظر لوجهه في المرأة التي أكلها الصدأ الأصفر  ثم مر  بيده البضاء على وجنتيه مقلدا" الشاب الوسيم في إعلان شفرات الحلاقة أملا" أن تظهر   الفتاة الشقراء تظهر  لتحيط جسده بيديها الناعمتين.هي لم تظهر حزن قليلا" لكنه سرعان ما تجاوز الأمر فحزنه هذا كان يوميا".
 

لحظات قليلة قبل أن يخرج من الحمام ,يرتدي كنزة بيضاء  وقميصا" أزرق باهت اللون بمربعات كثيرة وجينز شاحب اللون,وضع حقيبته على كتفه وخرج.


يعبر  الزقاق مستشعرا" نور الشمس على وجهه كـأنه رسول محظوظ بعث في يوم ربيعي,ليصرخ بالناس ليقوموا إلى أعمالهم :"صباح المرارات أيها البشر النائمون,صباح التعب.."*


نحيل قليلا"ومتوسط القامة بشعر أسود كثيف ملتف على بعضه وعينين كبيرتين قابضتين على العالم واندفاع أعمى للقيام بشيء لم يعرفه يوما.
 
متوقفا" عند زاوية كل شارع ناظرا" للنوافذ وحبال الغسيل عساه يرآ ملاكا ينشر الثياب ليحيى على جمال وجهه ألف عام-لكنه لم يراه-,هذا الوقوف اليومي كان يخلف فيه شعورا" غريبا,الشعور ببراءة أدم الاولى,أدم ما قبل الخطيئة.بريء,الله يريد إبقائي بريئا" هذا ما كان يردده دائما" علّها تهدأ روحه ولم تهدأ.
يمر من أمامه رجل ستيني هرم يجر حفيده الصغير خلفه بقليل من الحزم والكثير من الحنان ,محدثا" إياه عن أيام طفولته وهو يجمع عروق النعناع والزعتر في طرابين زجاجية مستعينا ببلاهة واضحة بقصيدة نزار قباني إلى أمه. استفزه ذلك وقرر أن يسير خلفهما ,هو لم يكن يعرف إلى أين سيذهبان ولكنه أيضا" لايعرف طريقه.


يدخل الرجل وحفيده إلى فرن صغير بنيّ اللون كأنه بنيا ليرمى على حافة المدينة,كان الرجل لا يزال متأثرا" بزعتر نزار قباني  أو أنه لم يكن يملك الكثير من المال فطلب منقوشتيّ زعتر,كذلك فعل الشاب  فهو لم يكن يملك سوى ألفيّ ليرة ,الف  للمنقوشة وألف للعودة بالباص إلى المنزل.يجلس على مقربة منهما مراقبا" تزايد تجاعيد وجه الجدّ مع تزايد انفعالاته,لم يكن مهتمّا بحديثه ولكنه سمع كلمات  عن الحسين وزينب والقاسم.هزّ رأسه وأنصت لحديث الجدّ عن القاسم,ثم هزّه مرّة اخرى لم يستطع استيعاب قدرة الرجل على التنقل  من نزار قباني إلى القاسم بتلك السرعة,لم يستطع أن يفهم العلاقة  بين ميلودرامية الطفولة وسيريالية عرس شاب يقام قبل لحظات من موته.رغم ذلك هراءه إلاّ ان الشاب بدأ يعجب به, أحب بساطته وأحب محاولته الظهور بمظهر الإله أمام حفيده,محدثا" إياه عن كل ما يعرفه ومستعملا" كل ما يعرفه من مصطلحات "أيية" (سادية,ماركسية,سيريالية,رأسمالية,أوليغاركية.....) في خليط عجيب من المفردات المتداخلة ,التي لا يربطها بينها شيء سوى الحرفين الاخيرين فيما تبرق عينيّ الصغير وهو ينظر  إلى جده العظيم .


أنهيا مناقيشهما ودخلا  إلى المكتبة الملاصقة للفرن فدخل ورائهما ,قام الطفل باختيار دفتر ازرق بينما اقترب جدّه من سلّة ألوان عملاقة وقرر جمع ألوان الطيف السّبعة,بنفسجيّ,نيليّ,أزرق,أخضر,أصفر,برتقالي,أح....أح.. أحم..لم يجد اللون الأحمر,,قلب السلة رأسا" على عقب ,لكنه لم يجده,بدا يغضب ,قام بفتح علب الألوان المغلقة الواحدة تلو الأخرىكلها كانت ناقصة قلما".لم يجد اللون الاحمر حزن الطفل قليلا",بينما تملك الجد غضبُ شديد وحبس في أنفاسه غصّة وأفلتت منه  دمعة أخافتها عصبيته  المكبوتة ففرت من عينيه.لم يجد قلما" احمر وذلك هزّ صورته الإلهية.

وقع المصيبة  أنهك الجدّ ,دفع ما عليه ومضى مع فتاه,بينما ظل الشاب يجول بنظره في أرجاء المكان قبل ان يقترب  من خزانة حديدية ومد يده إلى الفراغ بينها وبين الحائط ,محاولا امساك قلم أحمر وبعد عدة محاولات نجح في الحصول عليه وقرر إعطاءه للجد ليحفظ ألوهته .اقترب من البائع مشيرا" إلى القلم"250 "سحب الألف من جيبه وأعطاها للبائع .عليه العودة للمنزل سيرا" على الأقدام الآن,فلم يبقى معه غير 750.

يخرج فيرى الرجل قد اصبح في رأس الشارع ,يركض مسرعا" للحاق به لكن  الباص يصل قبله فيصعدان تاركينه يلهث محاولا" اللحاق بهما .لحظات و يقف الباص فجأة"  ينزل الرجل وهو يشتم السائق الذي اصرّ على سماع اغنية "سامحتك" ولم يكتفي بذلك بل رفع الصوت حتى يسمع جميع من في الشارع هذه الاغنية "أخت الشـر....* متل الشوفار" بحسب توصيف الستيني .يتنفس الشاب الصعداء ويمسح اب العرق عن جبينه ضاحكا" ,سينجح في إعطاء الرجل القلم وسيتكفل الأخير بإختراع القصة المناسبة عن سبب إختفاءه في البداية,يركض بسرعة وراء الرجل الذي دخل إلى الدكان لشراء قنينة مياه للصغير الذي أعطشه الزعتر وإضاعة للوقت بينما يصل الباص العمومي الذي يمنع عليه وضع الأغاني- ولو فيروز-.

يصعد الدرجات مسرعا",قبل أن يشعر باحتكاك خفيف و يسمع صرخة نسائية ناعمة,رفع عينيه وكان قد ارتطم بملاك أشقر  ,عاد وانحنى مسرعا" معطيا إياها الكيس  ووقف غارقا" في خضرة عينيها  وبجرأة لم يعهدها يوما" قال لها:يا صغيرتي"إنني منذ ثلاثين عاما ارتّب هذا الفضاء لكي تسكنيه"فهل تمهلينني لحظة وتنتظرينني في الحديقة!؟,هزّت رأسها إيجابا ونزلت كالفراشة على الدرجات بينما ظلّ نظره معلقا" عليها حتى إطمئن أنها في مقعد خشبي وسط الحديقة.

دخل إلى الدكان,بحث طويلا وأجال بنظره أنحاء المكان عبثا" دون أن يجد العجوز وحفيده,عندها بدا يعرف كل شيء,كما في نهايات أفلام هوليود,هما كانا ملاكين صغيرين, وهما رأياه وهو يتبعهما وحين تناول بالقرب منهما المناقيش وهما تجاهلا عن قصد القلم الاحمر لكي يراه هو و هما لا يعرفان ان كانت أغنية سامحتك جميلة أم لا لأن الملائكة لا تعرف الأغاني ولكنها كانت حجتهما للنزول من الباص والدخول للتعاونية لكي يلاقي هو الملاك.

خرج ونزل الادراج بسرعة وهو يسترجع ما حفظه من أشعار:"إقذف صنارتك في البحر,إإقذف قلبك في الحب,إقذف النرد",يقطع نصف الشارع ويتذكر الشطر الأخير:"ولكن أقفل عينيك قبل كل شيء" وقبل أن يتلاقى رموش عينيه حتى تطيح به سيارة "رينو رابيد زرقاء"...

وهو يسقط أرضا" مستعدا" لإغفاءته الاخيرة ,ينظر غلى المقعد فيرى ملاكه يبتسم إبتسامة" غريبة مجبولة بقليل من الخبث ثم يقوم لكمل طريق العودة للمنزل دون إكتراث,لم تكن ملاكا,كانت شيطانا" بصورة ملاك أشقر,أزرق العينين,أما الرجلان فكانا أبالستها الصغار.


بقيت جثته ممدة في الشارع حتى المساء,حين أتى عمال البلدية لإزالة النفايات كما يفعلون في كل مساء فأبعدوا جسدإلى جانب  الرصيف, ولكنهم فشلوا في إزالة أخر كلماته عن أرض  الطريق فبقيت إلى اليوم:

"وأنت يا جميل,يامكهرب الأسلاك والدماء والأشجار,واعدتني بأن يكون ليهناك موعدٌ معك ,فيختلي الحبيب بالحبيب,قلت لي,,,أراك في الأراك"*

****
تصويب أول: هذه القصة لم تحدث يوما" وهي لا تمت للواقع بصلة وان أحسست بنوع من الحمق فيها فألتمس لها العذر فهي ووليدة مخيلة حمقاء لمراهق مشوّش ,تعب

 تصويب ثاني :ما وضع بين " " هو للشاعر محمد علي شمس الدين ,مع خالص الاعتذار منه على زجّ كلماته في نص  أحمق كهذا.
 * أخت الشر.... هي كلمة عامية مستخدمة في اللهجات المحلية في لبنان وسوريا وهي تعني أخت الفاسقة"

فأقتضى التوضيح