"...نربي الأمل..."
(محمود درويش-حالة حصار)
وقع الموبايل
من يد رضا* أرضاً وكسرت شاشته,حمله عن الأرض وأخذ ينظر إلى الشاشة المهشمة وهو يلعن
الساعة التي اشترى فيها هذا الهاتف المنحوس فقد خرب ثلاث مرّات في أقل من شهرين.
قرر أن يعيد
إرساله للصيانة رغم يقينه بأنه سيخرب مجدداً,,في هذه اللحظة التي أعقبت قراره اجتمعت في ذاكرته من دون أن يدري كيف, كم هائل من الحوادث
عن كل تلك الأيام الماضية والحالية:
"تحضيره
الدائم لإمتحان الرياضيات رغم يقينه بأنه سيرسب, لم ينجح طوال فترة المدرسة
بالنجاح في أي اختبار للرياضيات حتى المتعلق بجدول الضرب.
تقدمه الدائم
لتجارب فريق كرة القدم الخاص بالمدرسة رغم يقينه بأنه لن يتم اختياره يوماً,كل عام
كان يلهث أياما خلف أستاذ الرياضة طمعاً بالحصول على الموافقة للانضمام للفريق دون
أي نتيجة.
محاولته
الدائمة لقراءة الجريمة والعقاب رغم يقينه بأنه لن ينجح يوماً بإكمالها,,لم يصل
أبداً إلى منتصف الرواية.
رغبته أن يعوّد
نفسه على النظر للساعة في يده لمعرفة الوقت رغم يقينه بأنه لن يتعوّد يوماً على
ذلك,لم ينتبه أصلاً لوجود ساعة في معصمه سوى مرّة واحدة.
بحثه الدائم عن
عمل رغم يقينه بأنه لن يجد عملاً يوماً,قدم أكثر من أربعمئة طلب توظيف حتى اليوم
ولم يقبل في أي وظيفة.
حبّه الدائم
لفتاة واحدة رغم يقينه بأن لا أمل له معها,في كل ربيع جديد يحاول معها مرّة أخرى
وفي كل ربيع يفشل مرّة أخرى."
ارتمى على
المقعد الخشبي المرمي إلى جانبه وانخرط في نوبة هستيرية من البكاء
الطويل,الطويل,الطويل...
شتم الجميع
,,جدول الضرب,معلم الرياضة,ديستويفسكي,شتم صانعي الساعات وأرباب العمل والفتاة
التي يحبها,شتم الله وأنبياء الله...
قرر رمي الهاتف
وعدم إصلاحه,أحسّ بالقوة لقراره هذا واستعاد القليل من هدوءه.
وهو يمسح الدموع عن وجنتيه أحس بطول لحيته.دخل إلى
المنزل أتى بماكينة الحلاقة أدارها ووقف مواجهاً للمرآة وهو يمرر الماكينة على
ذقنه تذكر أنها لم تحلق شيئاً في كل مرّة
استعملها فيها,عند رؤيته للشعر يتساقط عن وجهه,ذهل ووقف طويلاً دون حراك,رمى
الماكينة من يده وخرج من المنزل تاركاً الباب مفتوحاً.
استقل أول
سيارة أجرة للذهاب إلى أقرب محل لصيانة الأجهزة الخليوية...
_______________________________
رضا*: لا يمت لي بصلة لا من قريب ولا من بعيد مجرد تشابه أسماء سخيف,لذلك اقتضى التوضيح.