الخميس، 29 سبتمبر 2011

فيريديانا Viridiana 1961

ملصق المهرجان 


لويس بونويل في بيروت,لويس بونويل في السينما.سبق أن شاهدت فيلمين لبونويل ولدي عدّة أفلام أخرى له,لكن مشاهدة فيلم له في صالة سينمائية فرصة نادرة قد لا تتكر ولمشاهدة الفيلم في مكان مثل سينما متروبوليس - صوفيل جمالية أخرى ,جمالية غارقة في الحنين ومليئة بالذكريات وبتاريخ السينما,,للسينما طعم آخر في هذا المكان..
إذا لويس بونويل مستعاداً في بيروت,,المهرجان بدء منذ يوم الإثنين بعرض كلب أندلسي أول أفلامه وربما أشهرها,الفيلم الذي يعتبره الكثيرون الفيلم السريالي الوحيد في تاريخ السينما ,,تبعه في اليوم نفسه عصر الذهب الذي شاركه في كتابته سلفادور دالي -كما الحال بالنسبة لكلب أندلسي- ,,الثلاثاء عرض فيلمين الوثائقي Las Hurdes والمنسيون وستعرض في الأيام القادمة أفلام أخرى حفرت اسم لويس بونويل كأحد أهم السينمائيين في التاريخ كسحر البرجوازية الخفيّ,تريستانا,حسناء النهار,هذا الشيء الغامض من الرغبة...





البارحة كان الموعد مع فيريديانا ,اسم المخرج وسعفة ذهبية في كان عام 1961 كافيين لدفعك لمشاهدة الفيلم. الصالة كانت ممتلئة إلى حد كبير بالمشاهدين,القسم الأكبر منهم كان من العجائز والكبار في السن لعلّي أنا وحسين كنا الأصغر سناً بين المشاهدين. المخرج الاسباني من المشهور عنه كرهه للبرجوازية والبرجوازيين ,الحاده ورفضه للدين .لم يخرجه في فيلمه هذا عن هاتين الثيمتين الليتن صبغتا معظم أفلامه.فيريديانا وقبل أن تنذر حياتها للرهبنة وبناءً على طلب الأم رئيسة الديرتذهب في زيارة لقريبها الدون جيمي الثريّ الذي يملك قصراً في الريف.تقضي الفتاة في القصر أوقاتاً ممتعة قبل أن تتعقد الأمور في الليلة التي تسبق عودتها للدير حيث يفصح عن حبه لها الامر الذي قوبل برفض الفتاة مما دفعه لتخديرها وبعد عودة الوعي لها حاول اقناعها بعدم قدرتها على العودة الى الدير مساعملاً اكاذيب شتى دون أن ينجح,تترك الفتاة البيت وهي في حالة اشمئزاز من قريبها (لعب الدور الممثل فيرناندو راي قدم 3 افلام اخرى مع بونويل) لكنها تعود إلى القصر قبل أن تصل إلى الدير بسبب اعدام الدون جيمي لنفسه. على إثر هذه الحادثة يتملك الاحساس بالمسؤولية عن موت جيمي فيريدينا وتقرر ترك الدير و"مواصلة طريقها إلى الله" لوحدها ,تذهب إلى القرية وتجمع المتسولين وأصحاب العاهات وتجعلهم يقيمون في بيت مجاور للأرض الكبيرة التي تركها لها المنتحر,ومؤمنة العمل لهم في هذه الأرض وحجمعها اياهم للصلاة في محاولة لإنارة طريقهم كما تعتقد. بونويل أوقع شخصية فيريدينا بصراعات متعددة مع محيطها فبعد الدون جيمي ,أتى ابنه خورخي محاولاً استمالة الفتاة التي ترفض محاولته فيذهب باتجاه الخادمة رامونا. الحدث المفصلي الثاني في الفيلم بعد وفاة الدون جيمي هو خلو المنزل من أصحابه بعد ذهاب فيريدينا وخورخي والخادمة رامونا لمقابلة المحامي,حيث يقوم العاملون "الفقراء" بترك أعمالهم والتسلل إلى المنزل بعد إلحاح بعض النساء حيث يرون أشياءً لم يسبق لهم أن رؤها من قبل ويقومون بالعشاء في المنزل ,يرقصون ,يكسرون الأطباق ويشربون حتى الثمالة,يعربدون وفي أثناء خروجهم من المنزل يتفاجئون بدخول فيريديانا وخورخي اللذين يصابان بالصدمة قبل أن يحاول أحد المتوسلين وكان ثملاً اغتصاب فيريدينا بعد تكبيل خورخي.هذا الحدث قاسٍ و ملييء بالدلالات لا يمكن أن يغيب عن بالك قصة أدم وحواء التي أغوته بتذوق التفاحة الممنوعة كما أغوت النساء الرجال بدخول القصر,الإنسان في أشدّ صوره حيوانيةً وغرائزيةً,الصراع على الطعام والكحول و النساء ,لم يخلو المشهد من التهكم على البرجوازية وعلى الدين,الفكرة قاسية وواضحة ربما,مهما حاولت أن تجعل الإنسان أليفاً فإنه سيعود حتماً لحالته الغرائزية. فيريديانا بصفتها الرهبانية كانت تمثيلاً للرب ولمنظومة القيم الدينية والأخلاقية وبمجرد غيابها عاد الإنسان لحالته الأولى. المخرج يرفض هذه المنظومة كلها,هي بنظره مجرد غطاء لغرائزية الإنسان ولكنها ليست حلاً أو ربما هو لا يرى مشكلةً لكي نجد حلاًِ لها بل هو يرى هنا أن المشكلة هي في الدين نفسه,في وجوده من الأساس. فيريدينا تنجو من الإغتصاب لكنها طردت هؤلاء الفقراء,تحررت من أفكارها الدينية ومن مظهرها المتواضع واستسلمت لخورخي الذي يقضي لياليه مع الخادمة رامونا. اللقطة الأخيرة من الفيلم تلخص مجمل أفكار الفيلم,الصغيرة إبنة الخادمة تلعب بإكليل شوك يسوع تضعه على رأسه فيؤلمها,تنزع الإكليل عن رأسها وترميه في النار تاركةً إياه يحترق. على مدار دقائق هذا الفيلم بونويل كان يصرخ في وجه يسوع:"هذا هو إنسانك يا يسوع,تحسن إليه فيصفعك,تمنحه فيعصيك,طريقك خاطئ ومصيرك الموت." الفتاة تعود لتنتشل إكليل الشوك من النار وتضعه جانباً. 
فرصة أخرى,تردد, إيمان من غير أمل,رفض مؤقت...ربما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق