الأربعاء، 25 يوليو 2012

موت أسود الشعر بنيّ العينين


"في أسفل اللوحة سترين في مدخل البناء أبو سعيد يضرب زوجته أم سعيد لأنها زارت أختها بدون أن تأخذ اذنه خاصة أنه على خلافٍ مع زوجها الذي سخر يومًا من رجل دين يحبه هو,أيضًا سترين سعيد يضرب ابنة مالك البناء لأنها بدأت بالبكاء بعد أن قام بالاستيلاء على دمية الفتاة الشقراء المفضلةِ لديها.
في أسفل الزاوية اليسرى للوحة أيضًا هناك فضل بقبعته الصوفية التي يرتديها في هذا الصيف الحار وهو يستجدي من رجلٍ يرتدي بدلة عنقٍ وساعةً سويسرية القليل من المال.
في الطابق الأول من البناية التي يقطنها أبو سعيد تقوم أم ربيع برميّ الشحاطة على ابنها ربيع المرتمي أرضًا محاولًا تفادي هذه الرمية القوية أما زوجها أبو ربيع فيتفرج على نشرة أخبار تؤكد سقوط الدكتاتور خلال أيامٍ قليلة.
أما في الدكان المجاور لمكان جلوس فضل الأجدب كما يسمى يجلس حازم تحت دكانه المسمى على اسمه وهو يشاهد على تلفازه المتهالك نشرةً أخبارٍ اخرى تأكد بقاء الرئيس إلى الأبد مع قرب انتهاءه من القضاء على عملاء الخارج في الوقت الذي يسرق طفلٌ صغير كيس بطاطا من على احد الرفوف,صحيح عليكِ أن تستخدمي المكبر لتتأكدي من الشريط الذي يظهر في نشرتيّ الأخبار.
في الطابق الثاني هناك سعاد التي تحاول اطفاء النار عن الطنجرة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الملوخية بينما يهم زوجها مالك بفتح الباب عائدًا من عمله موظفًا في احدى الادارات العامة وبيده شنطة بنية متآكلة.في منتصف الشارع يقف سليم الغول وهو يصرخ بخمسة أطفال هاربين بعد أن قاموا بكسر "أنتين" سيارته للمرّة الثالثة خلال يومين بكرتهم الموحلة وهو يتوعدهم بتمزيقها شر تمزيق.
في الطابق الثالث يقفز سامي فرحًا بتسجيل فريقه لهدف بينما تصرخ أمه في الغرفة المجاورة أثناء انجابها لطفلها الثالث من زوجها الثاني الذي يقف مرتبكًا كأنها المرّة الأولى في الوقت الذي يقف فيه أشقاء سامي الثلاثة من أبيه الذي مات بعد وقوعه عن عامود كهرباء أثناء عمله مع شقيقيه من زوج أمه الذي كان صديقًا لوالده في شركة الكهرباء أيضًا وهم يتبارون فيمن يستطيع من بينهم أن يبصق في "صلعة" سليم الغول أما على الجسر الذي يمر بموازاة هذا الطابق فتوجد سيارة حمراء تلحق سيارة صفراء وجسد السائق نصفه خارجها يتوعد سائق السيارة الصفراء بالويل والثبور بعد ان قام بتجاوزه وهناك أيضًا دراجة نارية حمراء يقوم صاحبها برفع الجزء الأمامي منها إلى أعلى.
في الزاوية اليمنى من اللوحة تقف امرأة عجوز تستند على عكاز وهي تحدق في انعكاس صورتها في بقعة الماء التي خلفتها شاحنة تعبئة الخزانات وهي تمر في الشارع والماء يتساقط منها.
في الطابق الرابع تشاهد سامية آخر حلقة من مسلسلها التركي بينما يجلس زوجها حازم في غرفة النوم وهو يكلم أحدًا ما على الهاتف,يكلم رجلًا أو امرأة والنشوة ظاهرةٌ على وجهه.
هناك أيضًا الكثير من التفاصيل في هذا الشارع: براميل الزبالة قرب دكان حازم,الأبنية السبعة التي تحيط بالبتاء الذي يقطنه أبو سعيد,كذلك لا يزال يوجد في هذا البناء 4 طوابق اخرى لكنني جعلت ستائر نوافذها مغلقة لأنني مللت من الرسم.أما السطح فكما الأسطح المجاورة فهو مليء بخزانات المياه وبدشات وباسلاك ملونة سوداء وحمراء وبيضاء ومن مختلف الألوان وهناك أيضًا شاب أسود الشعر وله عينان بنيتان -استخدمي المكبر مرّة آخرى لتتأكدي- يرمي بنفسه إلى الأسفل"


انتهت الفتاة من قراءة صفحة الرسالة وفتشت عن اللوحة الموصوفة فيها لكنها لم تجد غير ورقةٍ بيضاء مرفقة معها,قلبت الورقة التي كتب عليها نص الرسالة فوجدت بقيةً لها فأكملت قراءتها:"الشاب الأسود الشعر وصاحب العينين البنيتين هو أنا. وأنا أسف لرسمي هذه اللوحة السيئة ولكتابتي هذا الوصف الأسوء خاصةً أن فكرتها مستهلكة,أعرف أن هيتشكوك استخدم هذه الفكر في النافذة الخلفية وكيسلوفسكي في فيلمه القصير عن الحب و استخدمت في الكثير من الأفلام الأمريكية الجيدة و الرخيصة وهناك رسام لا يحضرني اسمه لا طالما رسم أبنية المدينة التي لا تنتهي لكن هذا كل ما استطعت القيام به في هذا الوقت القصير فلقد قلت لك الغد أو بعد غد على أبعد تقدير."



Bach - Siciliana Sonata BWV n. 1031

*****
إلى صباح ذكرى انكسارات مضت وآخرى على الطريق ستأتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق