حباتُ العرق تتجمع على صدغيّ الأيمن وتتسلّل ببطئٍ إلى باقي
الوجه ومن ثم تغمر الجسد.
هل هذا كانون حقًا؟
المروحة تدور منذ الصباح بالحركة البليدة الثابتة نفسها دون تغير بينما تجتاح جسدي رغبةُ غامضةٌ للنوم رغم ساعات الليل العشر,عيناي شبه مفتوحتين,شبه مغمضتين على أسفل صفحة في كتاب يقول الرجل فيها أنه سينفض يده من بوذا وسيحرر عقله من القلق الزائف وسيتصل بالناس اتصالًا وثيقًا مباشرًا.وأحاول أن أعرف لماذا قرر الرجل ذلك,لا عيناي ترتفعان إلى أعلى الصفحة ولا ذاكرتي تسعفني بتذكر ما قد قرأته وأذهب بعيدًا وأرى الكلمات تهجم عليّ من جميع الجهات دون أن أحاول الهرب قبل أن تعيدني المروحة التي تدور وتدور وتوقظني بصوتها.أتلمس شفتيّ اللتين قد بدأتا بالتحول لقطعةٍ من منحوتةٍ اغريقية,أهرع للمطبخ وأشرب كوبًا,كوبين وثلاثة والظمأ يزداد كأن نبتةً نمت في أسفل حلقي تمتص جذورها كل ما أشربه.
أي حرٍّ هذا وأي كانونٍ هذا؟
سأخرج للشرفة علّ هواء المدينة هواء كانون.ها أنا خرجت وأخذت أنصت السمع لوقع أقدام طفلٍ يركض في الشارع فرحًا, ووقع أقدامه واضحٌ رغم أبواق السيارات.الحر هنا أشد من الحر في الداخل. أخرجُ جسدي من الشرفة أكثر وأطلّ برأسي محدقًا في شبابيك البناء المجاور,هل خرجت إلى هنا طمعًا بهواءٍ باردٍ حقًا أم لاشتعال رغبتي مجددًا بعد أن ماتت منذ زمنٍ بعيد؟فخرجت طمعًا برؤية فتاةٍ تتعرى قبالة شباكها أو امراةً متزوجةً تقبل عشيقها وينعكس جسديهما على زجاج النافذة.وبدأت دون أشعر بالصراخ عاليًا لا أعرف ماذا أقول منتظرًا أن تخرج الناس أفواجًا ملوحةً بقبضاتها في الهواء وهي تصرخ وتحملني على أكتافها لأقودها وأصرخ أكثر وأكثر.لكن لا شيء يحصل أيضًا,فلا طيب فمٍ خالصًا للتقبيل يظهر ولا سيفًا خالصًا للثورة.
أشياءٌ كثيرةٌ تجتاحني اليوم.كافكا يجتاحني بينما لا أزال واقفًا على الشرفة,أفكر فيه وبوالده:هل والده هو والدي ؟ أم هو أنا؟ قبل أن يظهر والدي قادمًا من رأس الشارع ومن خلفه شرطيٌ يحدق في شرفات الأبنية كلها. هل أحضره أبي ليلقي القبض علي بعد أن سمع صراخي؟
أرتدي حذاءي بسرعةٍ وأهرب من المنزل بسرعة. أصعد في سيارة أجرةٍ حمراء متهالكة.يسألني السائق إلى اين أريد الذهاب فأطلب منه الاسراع قليلًا والابتعاد عن هذا الشارع وأبدأ بالتحديق في الأبنية, وأسأل "من هذا الذي كان يصرخ؟" وأمعن النظر أكثر في الشرفات.
يكرر السائق سؤاله,أنظر في عينيه بصمتٍ وأربت على كتفه المهترئ وأضحك وأقول "لنذهب إلى منزل صديقي الذي لم أره منذ زمنٍ بعيد لعله يبقيني عنده ليثما يهدأ والدي."
فيبتسم الرجل العجوز ويواصل القيادة ونبتعد عن الشارع ببطءٍ قليلًا قليلًا ويخفّ خوفي قليلًا قليلًا قبل أن ندخل في شارع تملأه السيارات والزحمة وأناس كثيرون عائدون للتو من المقبرة المجاورة بعد أن طمروا جسدًا آخر تحت التراب. فيعود القلق إليّ وأتحسس ثيابي التي أضحت مبللةً بالكامل وشفتيّ اللتين أضحتا حقًا قطعة من منحوتةٍ اغريقية وزجاج النافذة اللذي ألهبته الشمس اللتي ازدادت قوة.
الناس يحدقون فيّ بشكل غريب والسيارات لا تزال واقفة دون حراك.السائق يطلق العنان لبوق سيارته ويبدأ بالصياح وبالتشاجر مع سائق مجاور بينما يزداد بلل جسدي وتحجر شفتيّ.
صوت سيارة اسعاف آتٍ من بعيد يقترب شيئًا فشيئًا.هل مات شخصٌ آخر الآن؟
أسفل حلقي يتضخم,انها النبتة التي تمتص كل ما أشربه,انها تكبر فيه وتتمدد.غصنٌ النبتة يخرج من فمي فأقضمه محاولًا التخلص منه بينما يقترب صوت سيارة الاسعاف أكثر ويخرج غصنٌ آخر من فمي وأحاول أن أقضمه دون أن أنجح.
صوت سيارة الاسعاف يملأ أذني وأغصانُ النبتة وعروقها تبدأ بالخروج بكثافةٍ من فمي وتغطي وجهي وجسدي,تخرج منها حشراتٌ صغيرة تأخذ بنهش جسدي.
زحمة المرور تنفك والسيارات تبدأ بالسير من جديد, وصوت السائق يتداخل مع صوت سيارة الاسعاف وهو يعلو ضاحكًا بشماتة.
هل هذا كانون حقًا؟
المروحة تدور منذ الصباح بالحركة البليدة الثابتة نفسها دون تغير بينما تجتاح جسدي رغبةُ غامضةٌ للنوم رغم ساعات الليل العشر,عيناي شبه مفتوحتين,شبه مغمضتين على أسفل صفحة في كتاب يقول الرجل فيها أنه سينفض يده من بوذا وسيحرر عقله من القلق الزائف وسيتصل بالناس اتصالًا وثيقًا مباشرًا.وأحاول أن أعرف لماذا قرر الرجل ذلك,لا عيناي ترتفعان إلى أعلى الصفحة ولا ذاكرتي تسعفني بتذكر ما قد قرأته وأذهب بعيدًا وأرى الكلمات تهجم عليّ من جميع الجهات دون أن أحاول الهرب قبل أن تعيدني المروحة التي تدور وتدور وتوقظني بصوتها.أتلمس شفتيّ اللتين قد بدأتا بالتحول لقطعةٍ من منحوتةٍ اغريقية,أهرع للمطبخ وأشرب كوبًا,كوبين وثلاثة والظمأ يزداد كأن نبتةً نمت في أسفل حلقي تمتص جذورها كل ما أشربه.
أي حرٍّ هذا وأي كانونٍ هذا؟
سأخرج للشرفة علّ هواء المدينة هواء كانون.ها أنا خرجت وأخذت أنصت السمع لوقع أقدام طفلٍ يركض في الشارع فرحًا, ووقع أقدامه واضحٌ رغم أبواق السيارات.الحر هنا أشد من الحر في الداخل. أخرجُ جسدي من الشرفة أكثر وأطلّ برأسي محدقًا في شبابيك البناء المجاور,هل خرجت إلى هنا طمعًا بهواءٍ باردٍ حقًا أم لاشتعال رغبتي مجددًا بعد أن ماتت منذ زمنٍ بعيد؟فخرجت طمعًا برؤية فتاةٍ تتعرى قبالة شباكها أو امراةً متزوجةً تقبل عشيقها وينعكس جسديهما على زجاج النافذة.وبدأت دون أشعر بالصراخ عاليًا لا أعرف ماذا أقول منتظرًا أن تخرج الناس أفواجًا ملوحةً بقبضاتها في الهواء وهي تصرخ وتحملني على أكتافها لأقودها وأصرخ أكثر وأكثر.لكن لا شيء يحصل أيضًا,فلا طيب فمٍ خالصًا للتقبيل يظهر ولا سيفًا خالصًا للثورة.
أشياءٌ كثيرةٌ تجتاحني اليوم.كافكا يجتاحني بينما لا أزال واقفًا على الشرفة,أفكر فيه وبوالده:هل والده هو والدي ؟ أم هو أنا؟ قبل أن يظهر والدي قادمًا من رأس الشارع ومن خلفه شرطيٌ يحدق في شرفات الأبنية كلها. هل أحضره أبي ليلقي القبض علي بعد أن سمع صراخي؟
أرتدي حذاءي بسرعةٍ وأهرب من المنزل بسرعة. أصعد في سيارة أجرةٍ حمراء متهالكة.يسألني السائق إلى اين أريد الذهاب فأطلب منه الاسراع قليلًا والابتعاد عن هذا الشارع وأبدأ بالتحديق في الأبنية, وأسأل "من هذا الذي كان يصرخ؟" وأمعن النظر أكثر في الشرفات.
يكرر السائق سؤاله,أنظر في عينيه بصمتٍ وأربت على كتفه المهترئ وأضحك وأقول "لنذهب إلى منزل صديقي الذي لم أره منذ زمنٍ بعيد لعله يبقيني عنده ليثما يهدأ والدي."
فيبتسم الرجل العجوز ويواصل القيادة ونبتعد عن الشارع ببطءٍ قليلًا قليلًا ويخفّ خوفي قليلًا قليلًا قبل أن ندخل في شارع تملأه السيارات والزحمة وأناس كثيرون عائدون للتو من المقبرة المجاورة بعد أن طمروا جسدًا آخر تحت التراب. فيعود القلق إليّ وأتحسس ثيابي التي أضحت مبللةً بالكامل وشفتيّ اللتين أضحتا حقًا قطعة من منحوتةٍ اغريقية وزجاج النافذة اللذي ألهبته الشمس اللتي ازدادت قوة.
الناس يحدقون فيّ بشكل غريب والسيارات لا تزال واقفة دون حراك.السائق يطلق العنان لبوق سيارته ويبدأ بالصياح وبالتشاجر مع سائق مجاور بينما يزداد بلل جسدي وتحجر شفتيّ.
صوت سيارة اسعاف آتٍ من بعيد يقترب شيئًا فشيئًا.هل مات شخصٌ آخر الآن؟
أسفل حلقي يتضخم,انها النبتة التي تمتص كل ما أشربه,انها تكبر فيه وتتمدد.غصنٌ النبتة يخرج من فمي فأقضمه محاولًا التخلص منه بينما يقترب صوت سيارة الاسعاف أكثر ويخرج غصنٌ آخر من فمي وأحاول أن أقضمه دون أن أنجح.
صوت سيارة الاسعاف يملأ أذني وأغصانُ النبتة وعروقها تبدأ بالخروج بكثافةٍ من فمي وتغطي وجهي وجسدي,تخرج منها حشراتٌ صغيرة تأخذ بنهش جسدي.
زحمة المرور تنفك والسيارات تبدأ بالسير من جديد, وصوت السائق يتداخل مع صوت سيارة الاسعاف وهو يعلو ضاحكًا بشماتة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق