الخميس، 30 ديسمبر 2010

الغرفة القرمزية


داخلا إلى غرفته القرمزية اللون..

ذلك الستيني بكل تفاصيله :بطوله المتوسط وقامته الداخلة في عصر التقوس.
 كان الستيني بكل تفاصيله: بملابسه التي تستشعر برودتها من بعيد,قديمة كأنها شاخت مع صاحبها,باهتة لكن أنيقة .
كان الستيني بكل تفصيله:بشعره الأبيض الخفيف,عينيه الحادتين الغارقتين خلف سمكة نظارته وشاربه الكثيف القابع تحت أنفه الدقيق.


فيها وضع ما تركه له الزمن:كتب,الكثير الكثير من الكتب المصفوفة الواحد تلو الأخر على رفوف خشبية أكلها الغبار وأنهكها الزمن.
ذلك اليوم عند دخوله عليها كان معه صناديق كرتونية الكثير الكثير منها كان قد قرر بيع الكتب.لم تكن تساوي الكثير لكن ذلك لم يهمه .
 يمد يده الى أقرب الرفوف له ويتناول أحد الكتب ولأول مرة في حياته لم يشعر بالدفئ يسري في عروقة كما عادته عند إمساكه لأحد كتبه
ثواني قليلة كانت كافية لتشعر بالخطر يتهددها ,تساقطت عليه من على الرفوف كالمطر حتى طمرته تحتها.

 
سنوات طويلة مرت ولم يجرأ احد على الاقتراب من الغرفة.بقيت كما هي وبقي مافي داخلها كابوسا أخاف الكثيرين.



إلى أن جاء ذلك اليوم...
أمام المبنى الرمادي المهجور الذي يحوي الغرفة ,سدد أحد الأطفال الذين يلعبون أمامه الكرة فدخلت عبر النافذة المكسورة إلى داخله.
ساد الوجوم طويلا ,كان مجرد وجودهم هناك إلى جانب ذلك المبنى الذين حذروا من الاقتراب منه مرعبا للعب هناك طعم أخر ونشوة غريبة.
لم يبقى أي خيار استجمعوا قواهم وعبروا من البوابة الحديدية السوداء إلى الداخل,فتشوا الغرف كلها ولكن لم يجدوها.كانوا يعرفون ان الكرة هناك ,في الغرفة القرمزية التي خلع بابها,وقف الجميع أمام بابها المخلوع صامتين دون حراك قبل أن ينسل من خلف جموع الأطفال أصغرهم داخلا إلى الغرفة.


ذلك الصغير كان الصبى بكل تفاصيله:بقصره وبقامته الداخلة عصر الاستقامة
كان الصبى بكل تفاصيله: ملونة كأنها تولد في كل لحظة ,ملابسه التي تستشعر دفئها من بعيد
كان الصبى بكل تفاصيله : بشعره الأسود الطويل ,بعينيه السوداوين الواسعتين ,وجهه الأبيض ووجنتيه الحمراوين.


جذبه ذلك النور الخفيف المنبعث من شق الباب فدخل ووقف صامتا في ذلك العالم اللامتناهي من الكتب المصفوفة الواحد تلوالأخر ,يمد يده إلى أقرب الرفوف له ويتناول الكتاب عينه الذي سحبه الستيني,كانت اول مرة في حياته يلمس كتابا فسرى في جسده دفئ غريب ,فتح الكتاب وبدأ بقلب صفحاته الواحدة تلو الأخرى قبل أن يقف على قدميه صامتا دونما أي كلمة ويفتح الباب المتأكل .
 لحظة واحدة قبل أن يندفع الأطفال كالمطر إلى الغرفة يتناولون الكتب يتصفحونها ,يتأملونها ويتبادلوها مالئين الغرفة القرمزية بالحياة

                                   ...والألوان
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق