الجمعة، 13 مايو 2011

عندما قتل السنونو (الجزء الثاني)


عندما قتل السنونو محاولة لصنع قصة طويلة تروي مراحل متعددة من حياة بطلها
*****
إبن الستة أشهر,لا يعرف بالتواريخ وعدادات الزمن والساعات لكنه كان يحس بالوقت,ولقد عرف أنه قد مرّ وقتٌ طويل قبل أن يخرج من المستشفى ويعود إلى المنزل الذي لم يتغير فيه شيء,فقط إبريق الشاي لم يكن موجودًا في غرفة الجلوس.
حملته أمه -وقد كانت صاحبة شعر أسود كثيف منسدل على جبهتها-ووضعته في سرير خشبي ذو جوانب عالية كأنه زنزانة,ثم ذهبت إلى المطبخ.


في المساء أتى الأقارب والأصدقاء للاطمئنان على صحة الصغير ,أتت والدته مرّةً أخرى وحملته من قلب سجنه الخشبي.بمجرد وصولهم إلى غرفة الجلوس حتى قام رجلٌ أشيب الشعر,وأخذه من بين يديّ أمه وبدأ يرفعه عاليًا في فضاء الغرفة مصدرًا أصواتًا غريبة,نظر الولد بتعجّبٍ إليه مندهشًا من ما يرى,ولم يكد يفق من صدمته حتى أتت امرأةٌ ترتدي حجابًا ملوّنًا وخطفته من بين يدّ العجوز وبدأت تمرر اصبعها على شفتيه بشكل مستفز وضحكةٍ بلهاء مرسومة على محيّاها في الوقت الذي يقترب من خلفها صبيّين وهما يقومان بحركات غريبة بوجههما,مصدرين أصواتا قريبة إلى اصوات صغار القرود منها إلى أصوات البشر.
تناوب على حمله عددٌ كبيرٌ من الناس,بينما ظلّ هو في حالة من الاستغراب والضياع التام ونظرةٍ من دون معنى في عينيه محاولاً أن يفهم لماذا يتصرف الناس بهذه الطريقة الحمقاء في هذا اليوم الغبي بينما ظلّت أمه تردد طوال الوقت كرجل ألي بأن استغراب صغيرها عائد إلى عدم تعوده على "العجقة".
في اليوم التالي أفاق باكرًا مع انعكاس ضوء الشمس في الغرفة,حاول أن ينادي أمه لكنه لم ينجح,حرّك فمه بقوة أكبر,أحس بالألم فبكى,أتت الام على صوت بكاءه,رفعته عن السرير وأخذته معها إلى المطبخ حيث وضعته على كنبةٍ صفراء شاحبة اللون,قبل أن تجلب له قنينة الحليب وتنصرف إلى إعداد الطعام.وضع شفتيه على القنينة وبدا يحرك شفتيه بسرعة ونهم كبير,افرغ القنينة كلها رفع شفتيه عنها في الوقت الذي وقع فيه بصره على إبريق الشاي الأصفر نفسه,إبريق الشاي الذهبي الناعم الملمس.


لم يكن بعيدًا جدًأعنه.باب المنزل يدق فتسرع الام لترى من الطارق.يرفع يداه ويضعهما على حافة الكنبة فيما ظلّت عيناه مثبّتتان على الإبريق وبعد محاولات عدّة نجح في الوقوف على حافة الكنبة.


مدّ اصبعه باتجاه فتحة الإبريق الذي كان قد بدأ بالغليان وأدخل اصبعه الصغير,ثواني قليلة سبقت صراخه وانخراطه في البكاء.تترك الام الجارة وحيدةً في غرفة الجلوس وتركض باتجاه المطبخ تبعد صغيرها عن المعدن الملتهب وتتصل بالمشفى,لحظات قليلة وتصل سيارة الإسعاف.لم يمكث طويلاً في المستشفى كما المرة الماضية.
بعد أيام عدّة أعاد الصغير الكرّة وأحرق أصابعه مجدّدًا,حاول مرّة بعد الاخرى وفي كل مرّة كان يحرق نفسه...




تعب من محاولته المتكررة وقرر أنه لن يحب الله بعد اليوم,كيف يمكن له أن يقول أنه يحبنا دون أن يمنحنا أشياءً جديدةً,ألا يعرف أننا بشر والبشر يملون أحيانًا!؟
 يتبع...
________________________________________
  

هناك تعليق واحد:

  1. عجبتنى جداً يارضا
    كان فى مقولة كنت بحبها كانت بتقول
    " من الغباء أن يكرر الإنسان نفس الشىء متوقعاً نتيجة مختلفة "
    أنا رأيى أن ربناوهبنا حاجات كتيرة وأن الكون ده كله مفاجاّت بس أحنا نتأمله حق التأمل
    بس عجبنى أسلوبك جداً
    سلس وبيوصل الفكرة بشكل رائع

    ردحذف