الاثنين، 13 أغسطس 2012

موتٌ ليلة القدر

يسير رامي وشقيقه حسن الشيخ جنبًا لى جنب في أحد شوارع المدينة,الأضواء الصفراء تنير ليل الشارع وليل المدينة الطويل.اليوم هي ليلة القدر والشقيقان لا يشعران بأهمية كبيرةٍ لهذه الليلة رغم الحاح أمهما المتواصل عليهما بضرورة الذهاب إلى المسجد لإحياء ليلة القدر اليوم أو من أجل صلاة الجمعة أو حتى من أجل الصلاة فقط في الأيام العادية,فالمسجد لا يبعد عن منزلهم سوى خمس دقائق ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد يقول الرسول.

الأخوين اللذين لا يزالان صغيرين في السن لا يشعران بما تقوله أمه رغم تفهمهما له ومحاولتهما ارضاءها قدر الامكان.
الأخوين يفرحان بأمور آخرى فرامي الأكبر سنًا يحب الجلوس على الشرفة القريبة جدًا من الشارع مراقبًا المارة والمشادات اليومية بين أبو كريم صاحب البناء وأصحاب المحال المتأخرين عن دفع أجارتهم كما هو الحال في كل شهر ويحب أكثر التفرج على الوجوه أكثر من أي شيءٍ اخر,الوجوه والمزيد المزيد من الوجوه وخاصة وجوه الفتيات كانت وجوهوهن تسحره وتملأه بسعادة غريبة تخلف على وجنتيه احمرارًا غريبًا.أما حسن فيتمنى لو كان بامكانه حمل الراديو معه أينما ذهب لكي يستمع للأغاني الفيدمة التي كان رأسه يمتلأ بها,وكان كلما سمع أغنيةً أكثر قدمًا كلما شعر بالفرح أكثر.وكثيرًا ما كان يتخيل نفسه عازف عود أو مطربًا كبيرًا بالأسود والأبيض يقف الناس للتصفيق له.

كان الأخوان يسعدان بأمور كهذه ولم يشعرا يومًا بذلك الاحساس الذي ينتاب أمهما وتلك السكينة التي تلفها أثناء قيامها بأعمال ليلة القدر أو أثناء الصلاة أو خلال أي فريضة دينية آخرى.
لكن في كل الأحوال فلقد وعد الصبيان أمهما بأن لا يتأخرا في قلب المدينة و أن يعودا بأسرع وقتٍ ممكن إلى المسجد لتأدية أعمال هذه الليلة.
لم يكن الشقيقان يحبان قلب المدينة لكن سهولة الوصول والعودة من هنا دفعتهما للمجيء:أثرياء,أثرياء والكثير منهم تمشي معهم كلاب مدللة مختلفة الأنواع قد يفوق سعر الحبل المربوطة فيه سعر ما أرتديه أنا وسامي -يفكر حسن-,والكثير الكثير من الفتيات القبيحات اللواتي على ما يبدو يتبارين في من منهن تكشف عن "محاسنها" أكثر من الآخريات -يفكر سامي-.
وبينما هنا يلتهمان لوحين من الشوكولاتة يرن الخلوي الذي أعطته الأم لسامي فيضغط الصبي على الزر الأخضر لتسأله أمه إن كانا قد عادا إلى الجامع.يبحث الصبيان بسرعة عن سيارة أجرة وبسهولة يجدان سائقًا -تشير اللوحة الموضوعة داخل سيارته-على أنه يسكن في منطقة قريبة من منهما في إحدى الضواحي ويبدو على وجهه الملل والنعاس.


... يقترب الأخوين من مدخل المسجد وهما يحدقان ببعض الصبية اللذين جلسوا على الرصيف يتحدثون و بشاب وفتاة يتحدثان والحياء يملأ وجهيهما وبينما هما يقومان بخلع الأحذية يظهر أحد أصدقاء سامي ويطلب منه المجيء معه لأن هناك شيءٌ ضروريٌ يريد اخباره به.يومئ رامي لشقيقه حسن بأن يسبقه ويمضي إلى خارج الجامع مع صديقه الذي يبدأ بإخباره عن كيف تمكن من مشاهدة إبنة الجيران وهي تقبل أجير صاحب الدكان على الدرج وفيما هو مستغرق في وصف استراقه للنظر من شق الباب حين كان يهم بالذهاب للعب كرة القدم سطع ضوء شديد الوهج تبعه صوتٌ قويٌ جدًا واحساسٌ بالفراغ وبهواءٍ ساخن وحجارة تتطاير.الأم التي كانت تحيي الليلة في المنزل وقعت أرضًا من قوة الانفجار والقناة التي كانت تنقل من الجامع أصبحت شاشتها زرقاء صامتة.

...في اليوم التالي وجدت جثة حسن تحت ركام المسجد وعلى القناة التي أضحت البارحة زرقاء ظهر رجل ذو وجهٍ انساني عادي مع لحيةٍ طويلةٍ بعض الشيء مؤكدًا مقتل عدد كبير من المنافقين في الانفجار الذي استهدف الجامع بينما أعمي صديق رامي إلى الأبد.
ومن يومها نادرًا ما كان رامي يجد أمه تصلي وتوقفت عن الطلب منه الذهاب للصلاة في المسجد أما هو ففي يوم دفن أخيه أحس بلذة غريبة تملأه أثناء الصلاة على الميت ومن وقتها لم يغب يومًا عن الصلاة في المسجد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق