الخميس، 9 أغسطس 2012

الله,الخلق وصبيٌ يهوى الحديث عن ما لا يحكى عنه


عندما خلق الله الوجه حدّق فيه طويلًا 
ثمِلَ في الشغَفِ اللامِعِ في العينين
والكرز الشبٍقٍ في الشفتين
عندما خلقَ الله الوجه كان إلهًا ففكر بما قالَهُ شاعر سيأتي بعد آلاف السنين:
"
هل خلق الله الخمرة حتى لا نشربها؟"
وصمت طويلًا ثم سأل نفسه:
هل خلقتُ الشفاه كي لا تتلامس ؟
والعيون كي لا تتلاقى؟
والشعرَ المبلل بالرذاذ المنعش كي لا يتشابك ؟
ثم غفى ثملًا و أفاق بعد آلف عامٍ على موت الشاعر على صورة آدم
******

عندما جلس قُبالة الفتاة في المقهى
-
صبيٌ ذو شعرٍ أسود لا الله-
غرِق في خطوط يدها وقال لها:
هل خلَقَ الله الكف ليحمي تفاصيل الوجه من غيرة الذراع الخاوية؟
"
أصابعٌ خمسٌ في عين الحسود وراحة تملأها خطوط لشدة اختلافها تتطابق لا تحمي الوجه كثيرًا يا صغيري"
******
أسفلُ الرأس
رقبةٌ ملساء,كتفٌ منساب
ونهدٌ مثاليُ التكوين
 بحجم إجاصة لا يزيد عن راحةِ اليد ولا ينقص,يقول شاعرٌ آخر سيأتي بعد آلاف السنين أيضًا
يُفَكِّر الله:
"له ما يريد نهد مثالي التكوين لا ينقص ولا يزيد
ولي أنا ما أريد:
نهدٌ مكتظٌ بحليب دافئ يقطر من حلمة زهرية لن يرضعه الشاعر الا من صدر أمه”
******
"البطنُ غوايةٌ مخفية:
حبلُ السرةِ عقد منذ الولادة على حكايا الروح ما قبل الجسد وعلى سري
السر الأكبر:سر الخلق"
******
أسفلُ المعدة
أصلُ الغواية
إلتقاء الخالقِ بمخلوقه
وعودة الضُلعِ إلى مكانه وإلتحام الجسد
لثوانٍ قليلة كأنها الأبد
******
"القدمين هديتي لهم -يقول الله-
من دونهما لا قيمة لأجسادهم
أكوازُ الرمانِ حباتها منفرطة تحت أقدام ابني
والمجدلية تلثمُ القدمين المباركتين"
******
"الصبي الذي كتب
عن متعة الجسد قبل أن يعيشها سأحرمه منها
فهذا إغواء لم أخطط لخلقه قبلًا:
إغواء الخيال"

_______________________________________

(1) : من قصيدة محمد علي شمس الدين "آدم لا يندم" من ديوان أميرال الطيور

(2): بتصرف من نص محمود درويش في حضرة الغياب,الجملة الأصلية: "الاجاصة 
نهد مثالي التكوين لا يزيد عن راحة اليد ولا ينقص"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق